ما روى في أن الائمة اثنا عشر اماما وأنهم من الله وباختياره
1 - أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة أبي هراسة الباهلي(1)، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين(2)، قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه قال: " أتى جبرئيل النبي(صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد إن الله عزوجل يأمرك أن تزوج فاطمة من على أخيك فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى على(عليه السلام)، فقال له: يا علي إنى مزوجك فاطمة ابنتي سيدة نساء العالمين وأحبهن إلى بعدك، وكائن منكما سيدا شباب أهل الجنة، والشهداء المضر جون(3) المقهورون في الارض من بعدي، والنجباء الزهر
___________________________________
(1) هو أحمد بن نصر بن سعيد الباهلى المعروف بابن أبى هراسة، عنونه الجامع و قال: سمع منه التلعكبرى سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة، ومات يوم التروية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وقال الخطيب في التاريخ ج 5 ص 183: ابوسليمان النهروانى، يعرف بابن أبى هراسة، حدث عن ابراهيم بن اسحاق الاحمرى - شيخ من شيوخ الشيعة -.
(2) في بعض النسخ " ثلاث وتسعين ومائتين " وتقدم أن النهاوندى كما يظهر من جامع الرواة وتاريخ الخطيب صحف بالنهروانى او بالعكس.
(3) ضرجه - من باب التفعيل - أى لطخه بالدم أو صبغه بالحمرة، والمراد الملطخون بدمائهم.
(*)
[58]
الذين يطفئ الله بهم الظلم، ويحيى بهم الحق، ويميت بهم الباطل، عدتهم عدة أشهر السنة، آخرهم يصلي عيسى بن مريم(عليه السلام) خلفه ".
2 - أخبرنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلي(1) قال: حدثنا محمد بن جعفر(2) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، قال: حدثنا أبوهاشم داود بن القاسم الجعفرى، عن أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام)(3) عن آبائه(عليهما السلام) قال " أقبل أمير المؤمنين صوات الله عليه ذات يوم ومعه الحسن بن على، وسلمان الفارسي.
وأميرالمؤمنين متكئ على يد سلمان - رضي الله عنه - فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين وجلس بين يديه وقال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل، قال أمير المؤمنين: سلني عمابد لك، فقال الرجل: أخبرنى عن الانسان إذا نام أين تذهب روحه؟ عن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى الحسن وقال: أجبه يا أبا محمد، فقال أبومحمد(عليه السلام) للرجل: أما ما سألت عنه عن أمر الرجل إذا نام أين تذهب روحه، فإن روحه معلقة بالريح والريح بالهواء معلقة إلى وقت ما يتحرك صاحبها باليقظة(4)، فإن أذن الله تعالى برد تلك الروح على ذلك البدن(5) جذبت تلك الروح الريح، وجذبت الريح الهواء فاستكنت في بدن صاحبها، وإن لم يأذن الله برد تلك الروح على ذلك البدن جذب الهواء الريح، وجذبت الريح الروح فلا ترد على صاحبها إلى وقت مايبعث.
___________________________________
(1) عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلى اخو عبدالعزيز، يكنى أباالقاسم كان ثقة، يروى عن التلعكبرى سنة ست وعشرين وثلاثمائة كما في الخلاصة.
(2) محمد بن جعفر القرشى كما صرح به المؤلف في باب من ادعى الامامة هو محمد ابن جعفر الاسدى ابوالحسين الرزاز، كان أحد الابواب، والظاهر كونه ابن جعفر بن محمد ابن عون كمااستقر به الميرزافى المنهج.
(3) يعنى به اباجعفر الثانى الجواد عليه السلام.
(4) في بعض النسخ " لليقظة ".
(5) في بعض النسخ " على بدن صاحبها ".
(*)
[59]
وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان، فإن قلب الانسان في حق(1) وعلى الحق طبق، فإذا هو صلى على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب وذكر الرجل مانسى، وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد، أوانتقص من الصلاة عليهم وأغضى عن بعضها(2) انطبق ذلك الطبق على الحق فأظلم القلب وسهى الرجل ونسى ما كان يذكره.
وأما ما ذكرت من أمر المولود يشبه الاعمام والاخوال، فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة(3) وبدن غير مضطرب استكنت تلك النطفة في جوف الرحم فخرج المولود يشبه أباه وامه، وإن هو أتى زوجته بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك النطفة فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الاعمام أشبه المولود أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الاخوال أشبه الولد أخواله، فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها ; وأشهد أن محمدا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولم أزل أشهد بها وأقولها ; وأشهد أنك وصى رسول الله(صلى الله عليه وآله) والقائم بحجته، ولم أزل أشهد بها وأقولها - وأشار بيده إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) - ; وقال: أشهد أنك وصيه والقائم بحجته، ولم أزل أقولها - وأشار بيده إلى الحسن(عليه السلام) - ; وأشهد على الحسين ابن على أنه وصيه والقائم بحجته، ولم أزل أقولها ; وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين، وأشهد على محمد بن على أنه القائم بأمر علي ; وأشهد على جعفر أنه القائم بأمر محمد ; وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر ; وأشهد على علي
___________________________________
(1) حق الطيب - بضم الحاء المهملة -: وعاؤه.
(2) أى سكت عن " وآله " من الاغضاء وهو صرف النظر عن الامر.
(3) الهادئة: الساكنة غير المضطربة.يقال: هدأ هدءا وهدوءا: سكن.وللعلامة المجلسى بيان شاف كاف للخبر في البحار جزء السماء والعالم، ومرآة العقول باب ما جاء في الاثنى عشر، فمن أراد الاطلاع فليراجع.
(*)
[60]
أنه ولى موسى(1) ; وأشهد على محمد أنه القائم بأمر علي ; وأشهد على على أنه القائم بأمر محمد ; وأشهد على الحسن أنه القائم بأمر على ; وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يسمى ولا يكنى حتى يظهر الله أمره، يملاء الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى.
فقال أمير المؤمنين للحسين(عليهما السلام): يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد، قال: فخرجت في أثره فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد حتى مادريت أين أخذ من الارض، فرجعت إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) فأعلمته، فقال يا أبا محمد تعرفه؟ قلت: لا، والله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، فقال: هو الخضر(عليه السلام) ".
3 - وأخبرنا محمد بن يعقوب الكلينى، عن عدة من رجاله، عن أحمد بن أبي - عبدالله محمد بن خالد البرقي، عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر محمد ابن علي(عليهما السلام)، عن آبائه(عليهم السلام) أن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وما قضي فيها، ولذلك الامر ولاة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال ابن عباس: من هم يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنا وأحد عشر من صلبى أئمة محدثون "(2).
4 - وأخبرنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا على بن محمد، عن بدالله بن محمد بن خالد قال: حدثنى نصر بن محمد بن قابوس(3)، عن منصور بن السندي، عن أبى داود المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الاصبغ بن نباتة، قال: أتيت أمير المؤمنين عليا(عليه السلام) ذات يوم فوجدته مفكرا
___________________________________
(1) في بعض لنسخ " أنه القائم بأمرموسى ".
(2) المحدث بصيغة اسم المفعول من القى في روعه.
(3) كذا في النسخ، لكن في الكافى ج 1 ص 338 " عن منذر بن محمد بن قابوس " والظاهر هوالصواب لان في مختار الكشى " قال محمد بن مسعود - يعنى العياشى -: حدثنا عبدالله بن محمد بن خالد قال: حدثنا منذر بن قابوس، وكان ثقة - الخ ".
(*)
[61]
ينكت في الارض، فقلت: يا أمير المؤمنين تنكت في الارض أرغبة منك فيها(1)، فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا ساعة قط(2) ولكن فكري في مولود يكون من ظهري(3) هو المهدي الذي يملا ها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، تكون له حيرة وغيبة(4)، يضل فيها أقوام ويهتدى فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين فكم تكون تلك الحيرة والغيبة؟ فقال: سبت من الدهر(5).
فقلت: إن هذا لكائن فقال: نعم كما أنه مخلوق(6)، قلت: ادرك ذلك الزمان؟ فقال: أنى لك يا أصبغ بهذا الامر، أولئك خيار هذه الامة مع أبرار هذه العترة فقلت: ثم ما ذا يكون بعد ذلك(7)؟ قال: يفعل الله ما يشاء، فإن له إرادات وغايات ونهايات "(
.
___________________________________
(1) في النهاية في الحديث " بينا هو ينكت اذا انتبه " أى يفكر ويحدث نفسه، وأصله من النكت بالحصى، ونكت الارض بالقضيب، وهو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكر المهموم انتهى.
وقوله " أرغبة منك فيها " أى أتنكت لرغبة في الارض، والمراد اهتمامك وتفكرك في أن تملك الارض وتصيروا ليا لاقطارها، وقيل: ضمير " فيها " راجع إلى الخلافة، ولعل الكلام في سبيل المطايبة.
(2) في بعض النسخ " يوما قط ".
(3) في بعض نسخ الحديث " يكون من ظهر الحادى عشر من ولدى " فيحتاج إلى التوجيه والتكلف بان يقال " من ولدى " نعت " مولود " و " ظهر الحادى عشر " أى الامام الحادى عشر.
(4) يعنى في المسكن، أو المراد تكون لاهل زمانه حيرة.
(5) كذا، وفى الكافى ج 1 ص 338 " فقال: ستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين " وقال العلامة المجلسى - رحمه الله - في بيانه: ان هذا مبنى على وقوع البداء في هذا الامر، ولذا تردد عليه السلام بين أمور وأشار بعد ذلك إلى احتمال التغيير بقوله " يفعل الله ما يشاء ".
(6) أى مقدر محتوم، ويمكن أن يكون الضمير راجع إلى المهدى عليه السلام أى كما أن خلقه محتوم كذلك غيبته مقدرة.
(7) " أولئك خيار هذه الامة " أى انصار القائم عليه السلام." ثم ماذا يكون " أى بعد وقوع الغيبة، أو بعدالظهور، أو بعد دورانه عليه السلام هل ترفع الامامة أم لا.
(
في الكافى " فان له بداءات وارادات - الخ " أى يظهر من الله فيه امور بدائية في امتداد غيبته وزمان ظهوره.
وارادات في الاظهار والاخفاء والغيبة والظهور، وغايات اى علل ومنافع ومصالح في تلك الامور، ونهايات مختلفة لغيبته وظهوره بحسب ما يظهر للخلق من ذلك البداء.(راجع مرآة العقول).
(*)
[62]
5 - وحدثنى موسى بن محمد القمى أبوالقاسم(1) بشيراز سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، قال: حدثنا سعد بن عبدالله الاشعرى، عن بكر بن صالح، عن عبدالرحمن ابن سالم، عن أبى بصير، عن أبى عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: " قال أبى لجابر بن عبدالله الانصارى إن لى إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلوبك فيها فأسألك عنها، قال جابر: في أى الاوقات أحببت، فخلابه أبى يوما، فقال له: يا جابر أخبرنى عن اللوح الذى رأيته بيد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما وعما أخبرتك امى فاطمة به مما في ذلك اللوح مكتوب، فقال جابر: اشهد الله لا شريك له أنى دخلت على امك فاطمة(عليها السلام) في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فهنيتها بولادة الحسين(عليه السلام) ورأيت في يدها لوحا اخضر ظننت أنه من زمرد، ورأيت فيه كتابه بيضاء شبيهة بنور الشمس(2)، فقلت لها: بأبى أنت وامى ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله عزوجل إلى رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيه اسم أبى واسم بعلى واسم ولدى واسم الاوصياء من ولدي، أعطانيه أبى ليبشرني بذلك(3)، قال جابر: فدفعته إلى أمك فاطمة(عليها السلام) فقرأته ونسخته فقال له أبى(عليه السلام): يا جابر فهل لك أن تعرضه على؟ قال: نعم فمشى معه أبى إلى منزله، فأخرج أبى صحيفة من رق(4)، فقال: ياجابر انظر في كتابك
___________________________________
(1) هو ابن بنت سعد بن عبدالله الاشعرى وكان يسكن شيراز قال النجاشى: هو ثقة من أصحابنا، له كتاب الكمال في أبواب الشريعة.
(2) قال الفيض - رحمه الله - كأن اللوح الاخضر كان من عالم الملكوت - البرزخى وخضرته كناية عن توسطه بين بياض نور عالم الجبروت وسواد ظلمة عالم الشهادة، وانما كان مكتوبه أبيض لانه كان من العالم الاعلى النورى المحض(الشافى).وفى بعض النسخ " رأيت فيه كتابا أبيض شبيه نورالشمس ".وفى الكافى " شبه لون الشمس ".
وفى كمال - الدين مثل ما في المتن.
(3) في الكافى " ليسرنى بذلك " ففيه اشعار بحزنها قبل هذا بخبر قتل الحسين عليه السلام كما جاءت في خبر ابن الزيات وأبى خديجة سالم بن مكرم عن أبى عبدالله عليه السلام في باب مولد الحسين عليه السلام من الكافى.
(4) الرق - بالفتح والكسر -: الجلد الرقيق الذى يكتب فيه.
(*)
[63]
حتى أقرأ أنا عليك، فقرأه أبي عليه فما خالف حرف حرفا، فقال جابر فأشهد الله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه و نوره وحجابه(1) وسفيره ودليله، نزل به الروح الامين من عند رب العالمين، يا محمد عظم أسمائي، واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله إلا أنا، قاصم الجبارين، ومديل المظلومين، وديان يوم الدين(2)، وإنى أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي، أو خاف غير عدلي(3) عذبته عذابا لا أعذبه(4) أحدا من العالمين، فإياي فاعبد، وعلي فتوكل(5)، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه، وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وإني فضلتك على الانبياء، وفضلت وصيك
___________________________________
(1) قال العلامة المجلسى: أطلق الحجاب عليه صلى الله عليه وآله من حيث أنه واسطة بين الخلق وبين الله سبحانه، أو أن له وجهين وجها إلى الله عزوجل، ووجها إلى الخلق، وقيل: الحجاب: المتوسط الذى لا يوصل إلى السلطان الا به.
(2) القصم: الكسر، والادالة: اعطاء الدولة والغلبة، وديان يوم الدين أى المجازى لكل مكلف بما عمل من خير أو شر، ويوم الدين أى يوم الجزاء.
(3) قوله " فمن رجا غير فضلى " قال العلامة المجلسى - رحمه الله -: كأن المعنى كل ما يرجوه العباد من ربهم فليس جزاء لاعمالهم بل هو من فضله سبحانه، ولا يستحقون بأعمالهم شيئا من الثواب، بل ليس مكافئا لعشر من أعشار نعمه السابقة على العمل، وان لزم عليه سبحانه اعطاء الثواب بمقتضى وعده، لكن وعده أيضا من فضله، وما توهم من أن المراد رجاء فضل غيره تعالى، فهو وان كان مرجوحا لكن لا يستحق به العذاب، مع أنه بعيد عن اللفظ، والفقرة الثانية أيضا مؤيدة لما ذكرنا، أعنى " أو خاف غير عدلى " اذ العقوبا؟ التى يخافها العباد انما هى من عدله، ومن اعتقد أنها ظلم فقد كفر واستحق عقاب الابد.
(4) أى تعذيبا - على سبيل الاتساع - والضمير في " لا أعذبه " للمصدر، ولو اريد بالعذاب ما يعذب به لم يكن بد من الباء.كما قاله الشربينى وغيره في أواخر سورة المائدة.
(5) تقديم المفعول يدل على الحصر.
(*)
[64]
على الاوصياء، وأكرمتك بشبليك وسبطيك(1) الحسن والحسين، فجعلت الحسن معدن علمي بعد انقضاء مدة أبيه، وجعلت حسينا معدن وحيي(2) فأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد في، وأرفع الشهداء درجة عندي، جعلت كلمتي التامة معه(3) وحجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب(4) ; أولهم على سيد العابدين وزين أوليائي الماضين(5) وابنه سمي جده المحمود، محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر ولا سرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه(6) أتيحت بعده فتنة عمياء حندس، لان خيط فرضى لا ينقطع(7)، وحجتي لا تخفى و [أن] أوليائي
_________________________________________
(1) الشبل: ولد الاسد، وشبههما بولد الاسد في الشجاعة، أو شبهه بالاسد في ذلك و هما معا، ولعل المعنى ولدى أسدك تشبيهأ لامير المؤمنين(ع) بالاسد، والسبط - بالكسر - ولدالولد، والقبيلة، والامة، وأولاد البنات.
(2) كذا وفى الكافى والكمال " وجعلت حسينا خازن علمى " أى حافظ ما اوحيته إلى الانبياء.
(3) اى جعلت الامامة في عقبه كما ورد في قوله تعالى " وجعلها كلمة باقية في عقبه " عن الرضا عليه السلام أن المراد بها الامامة.راجع مقدمة تفسير مرآة الانوار اواخر باب الكاف.
(4) لان الايمان بهم وبولايتهم هو الركن الاعظم من التوحيد، وشرط لقبول الاعمال وترك ولايتهم هو أصل الكفر والعصيان.
(5) أى السابقين تخصيصا للفرد الاخفى بالذكر.
(6) قوله " لاكرمن - الخ " اى اكرمن مقامه العالى في الدنيا بظهور علمه وفضله على الناس، ولا سرنه - " في أشياعه " أى أتباعه وتلامذته من شيعته وأصحابه بكثرة عددهم وفضلهم على الناس أو المراد مقامه السامى في القيامة وسروره بقبول شفاعته فيهم.
(7) أتيحت - بالتاء المثناة الفوقية والحاء المهملة على بناء المجهول - من قولهم: تاح له الشئ واتيح له أى قدر وهيئى، والنسخ في ضبط هذه الكلمة مختلفة ففى بعضها " انتجب " أى أختار، وفى بعضها " ابيحت ".
ووصف الفتنة بالعمياء على سبيل التجوز، فان الموصوف بالعمى انما هو أهلها.
والحندس - بالكسر - المظلم، الشديد الظلمة، وانما كانت الفتنة حينذاك عمياء لان خفاء أمر موسى بن جعفر ليهما السلام أكثر من خفاء أمر آبائه عليهم السلام لشدة التقية، كما ورد أن أباه عليه السلام أوصى في ظاهر ا لامر إلى خمسة: الخليفة أبى جعفر المنصور، وحاكم المدينة محمد بن سليمان، وابنه عبدالله أفطح، وموسى بن جعفر(ع)، وزوجته حميدة.
وذلك لان الخليفة كتب إلى عامله بالمدينة: انظر إلى ما أوصى اليه جعفر فان كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه.كما في الكافى وغيره من كتب المتقدمين.ولا يبعد أن يكون المراد بالفتنة العمياء ذهاب جماعة إلى الوقف في جعفر بن محمد عليهما السلام، وجماعة إلى الوقف في موسى عليه السلام، كما ذهب جماعة إلى الكيسانية.
[65]
بالكأس الا وفى يسقون، أبدال الارض(1)، ألاومن جحد واحدا منهم فقد جحدني نعمتي، ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، إن المكذب به كالمكذب بكل أوليائي [و] هو وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة(2)، وأمتحنه بالاضطلاع بها(3) وبعده خليفتي علي بن موسى الرضا يقتله عفريت مستكبر، يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين، خير خلقي يدفن إلى جنب شر خلقي، حق القول مني لا قرن عينه بابنه محمد، وخليفته من بعده، ووراث علمه، وهو معدن علمي، وموضع سري، وحجتي على خلقي، جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين ألفا من أهل بيته(4) كلهم قد استوجبوا النار، وأختم بالسادة لابنه علي وليي وناصري،
___________________________________
(1) " ابدال الارض " جمع البدل أوالبديل وهو الكريم الشريف، وهذه الجملة ليست في الكافى والكمال وانما كان في الاخير " أن أوليائى لا يشقون أبدا " وقوله " ان أوليائى - الخ " تعليل للافتتان لشدة الابتلاء، فان الابتلاء كلما كان أشد كان جزاؤه أوفى وأجزل.
(2) الاعباء جمع عبء - بالكسر - وهى الاثقال، والمراد به العلوم التى أوحى الله تعالى إلى الانبياء، أو الصفات المتشركة بينه وبينهم عليهم السلام كالعصمة والعلم.
(3) الاضطلاع اما القدرة أو القيام بالامر.وفى بعض النسخ " وامنحه الاطلاع بها ".
(4) في الكافى " وحجتى على خلقى لا يؤمن به عبد الا جعلت الجنة مثواه، وشفعته في سبعين من أهل بيته ".
(*)
[66]
والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، اخرج منه الداعي إلى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن، ثم اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين(1)، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى، وصبر أيوب، تستذل أوليائي في زمانه(2)، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم(3) فيقتلون ويحرقون، ويكونون خائفين وجلين مرعوبين، تصبغ الارض من دمائهم ويفشو الويل والرنة في نسائهم(4)، أولئك أوليائي حقا وحق علي أن أرفع عنهم كل عمياء حندس(5) وبهم أكشف الزلازل، وأرفع عنهم الآصار والاغلال(6)، " اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، واولئك هم المهتدون ".
قال أبوبصير: " لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث الواحد لكفاك، فصنه إلا عن أهله ".
6 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي، قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن شيبان(7) من كتابه سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا علي بن سيف بن عميرة، قال: حدثنا أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) عن آبائه(عليهم السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن من أهل بيتي اثنى عشر محدثا(
،
___________________________________
(1) قوله " رحمة للعالمين " اما حال عن " ابنه " أو مفعول لاجله لا كمل.
(2) أى في زمان غيبته وخفائه عليه السلام عن الناس.
(3) تتهادى على بناء المجهول أى يرسلها بعضهم إلى بعض هدية.
والترك والديلم طائفتان من المشركين في ذاك العصر كنى بهما عن الكفار.
(4) الرنة - بالفتح -: الصياح في المصيبة.
(5) في الكافى والكمال " بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس ".
(6) الاصار: الذنوب والاثقال، أى الشدائد والبلايا العظمية والفتن الشديدة اللازمة في أعناق الخلق كالاغلال.
(المرآة).
(7) عنونه النجاشى وقال بعد عنوانه: ابوعبدالله الكندى العلاف الشيخ الثقة الصدوق لا يطعن عليه، يروى عن على بن سيف.وهو ثقة مشهور.
(
المحدث - كمعظم - من يحدثه الملك، أو من القى في روعه.
(*)
[67]
فقال له رجل يقال له عبدالله بن زيد(1) وكان أخا علي بن الحسين(عليهما السلام) من الرضاعة: سبحان الله محدثا؟ - كالمنكر لذلك - قال: فأقبل عليه أبوجعفر(عليه السلام) فقال له: أما والله إن ابن امك كان كذلك - يعني علي بن الحسين(عليهما السلام) - ".
7 - أخبرنا محمد بن همام، قال: حدثنا أبي ; وعبدالله بن جعفر الحميري، قالا: حدثنا أحمد بن هلال، قال حدثني محمد بن أبي عمير سنة أربع ومائتين، قال: حدثني سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله، عن آبائه(عليهم السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن الله عزوجل اختار من كل شئ شيئا [اختار من الارض مكة، واختار من مكة المسجد، واختار من المسجد الموضع الذي فيه الكعبة ; واختار من الانعام إناثها ومن الغنم الضأن و] اختار من الايام يوم الجمعة، واختار من الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، واختار من الناس بني هاشم، واختارني وعليا من بني هاشم، واختار مني ومن علي الحسن والحسين(2) ويكمله اثني عشر إماما من ولد الحسين، تاسعهم باطنهم وهو ظاهرهم وهو أفضلهم وهو قائمهم "(3).
قال عبدالله بن جعفر في حديثه: " ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".
وأخبرنا محمد بن همام ; ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور، عن الحسن بن محمد ابن جمهور، قال: حدثني أحمد بن هلال، قال: حدثني محمد بن أبي عمير، عن سعيد بن
___________________________________
(1) في بعض النسخ " عبدالله بن يوسف ".
(2) في بعض النسخ بعد قوله: " ليلة القدر " هكذا " واختار من الناس الانبياء، واختار من الانبياء الرسل، واختارنى من الرسل، واختار منى عليا، واختار من على الحسن والحسين والاوصياء [من ولده] ينفون عن التنزيل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ".
(3) كذا، وفى كمال الدين هكذا " تاسعهم قائمهم، وهو ظاهرهم وهو باطنهم " ولعل المراد بظاهرهم الذى يظهر ويغلب على الاعادى، وبباطنهم الذى يبطن ويغيب عنهم زمانا.كذا ذكره العلامة المجلسى(ره).
(*)
[68]
غزوان(1)، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إن الله عزوجل اختارني الحديث ".
ومن كتاب سليم بن قيس الهلالى(2):
8 - ما رواه أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة(3)، ومحمد بن همام بن سهيل، و عبدالعزيز وعبدالواحد ابنا عبدالله بن يونس الموصلي - عن رجالهم - عن عبدالرزاق ابن همام، عن معمر بن راشد(4): عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس.
وأخبرنا به من غير هذه الطرق هارون بن محمد قال: حدثنى أحمد بن عبيدالله ابن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبوالحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندى(5)، قال: حدثنا عبدالله بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة(6)، قال:
___________________________________
يتبعععععععععععع